السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، بسم الله الرحمن الرحيم ، مرحبا بكم جميعا أخواني / أخواتي في منتدى القصص القصيرة ، اليوم لدينا زاوية جديدة تخص البلدان العربية
تجاعيده تدل على ترهل عمره ورأسه مشتعل بالشيب، كل شعرة فيه تصرخ بحكمته ووقاره، سنّد"سعد" ظهره الكهل على وسادة قديمة، ومددّ جسمه على سريره الأرضي، وغاصت نظراته في عيون أهله وأحبائه الذين يتأملون وجهه المرهق والمتعب من جهد ثمانين حولا من الزمان، صامتين احتراما وتبجيلا لقدره ومكانته وهيبته، نطق بعدها بهذه الكلمات :" أبنائي الكرام، يا من ربيتكم بكل ما أوتيت من قوة على التقوى والصلاح، فإن الإنسان إذا اقترب أجله شعر به وكأن الموت يحوم حوله كما تحوم النسور على فريستها، وصية لكم هي أمكم مريم التي قضيت معها سنين عمري منذ ريعان شبابي، وحتى يومي هذا، فأشهدوا أني راضٍ عنها، وأشهدوا أني راضٍ عنكم يا أحبائي وفلذات كبدي، ولكن لدي طلب بسيط أرجو أن تفعلوه بعد موتي" قاطعه "عبد الرحمن" ابنه الأكبر :" لا تقل هذا الكلام يا والدي العزيز، فأنت .. "، "ذكر الموت حقّ، فلا تقاطعني يا ولدي فإن مقاطعة الكلام أمر مشين، وأعلم أنك لم تقاطعني لسوء أخلاقك، وإنما لكره الفراق والوجل من الوداع، فدعني أكمل كلامي حتى النهاية"، "بعد أن يأخذ الله أمانته أريدكم أن تفتحوا صندوقي الموجود بجانبي، وتعدونني أن تنفذوا ما فيه بالحرف الواحد بدون أي جدال؛ إذ أني متيقن أنكم نِـعْمَ البررةُ وخيرة الرجال والنساء"، بعدها تشهد الشهادتين، وأسدل يديه ومددّ رجليه وفاضت نفسه إلى المصير الأخير لتنطوي صفحته من الدنيا، وتختم أعماله فيها. ليت كل الآباء كهذا الأب بحكمته ، وخوفه على أبنائه